الصراع النفسي

قد يكون من اليسير أن نفهم إحتياج الإنسان إلى التكيف مع الأخرين، ولكن كيف يمكن للإنسان أن يتكيف مع نفسه؟ أو هل هناك إحتياج لأن يتكيف الأنسان مع نفسه؟ هل الإنسان شيء ونفسه شيء أخر؟ ولهذا فلا بد من حدوث عملية توافق بينهما؟ أي أن السؤال هو: تكيف من…..ومع من؟! الحقيقة أن التكيف مطلوب بين أجزاء النفس وبعضها، حتى لا ينشطر الإنسان أو حتى لا يمرض نفسياً أو عقلياً. فهناك جزء بدائي في شخصية الإنسان، جزء غريزي ينادي دائماً ويلح من أجل تحقيق اللذة المباشرة ضارباً عرض الحائط بكل شيء. المهم تلبية نداء هذة الغرائز وإشباع النفس، ولكن الإنسان في مراحل نضجه وتطوره وحتى يصل إلى مرحلة الوعى والإدراك المتكامل ينمو لديه أجزاء أخرى في شخصيته، ينمو لديه رقيب داخلى شاهد على كل أفعاله ويوجه هذة الأفعال وفقاً لما إكتسبه الإنسان من قيم ومثل من خلال الأسرة والمدرسة والمجتمع، ويلعب الدين دوراً كبيراً في تكوين هذا الرقيب أو ما يسمى “بالضمير”. وقد ينشأ خلاف بين هذين الجزأين، هذا الموقف نسميه بالصراع النفسي. الصراع بين قوتين عاتيتين كل قوة تشد الإنسان إلى ناحيتها. وقد تكون لكل منهما نفس قوة الجذب والشد، ويقف الإنسان في الوسط ممزقاً تماماً كأن كل قوة تشد ناحيتها يداً من يديه. قوتين متماثلتين ومتضادتين في الإتجاه! في هذه الحالة تحتاج إلى حكم لا ينهي الصراع لصالح إحدى القوتين، ولكن ليوفق بينهما وليرضى كلاً منهما. فمن ناحية ليس من الممكن أن يتمادى الإنسان في تلبيىة رغباته ونزواته وشهواته متنازلاً عن القيم والتقاليد والمثل التي إمتصها من المؤسسات الأبوية وبذلك يفقد روحه تماماً. وليس من الممكن في نفس الوقت أن يتنازل عن كل رغباته وغرائزة فتزهق روحه ولذلك فحكماً عادلاً مطلوب ليحل هذا الصراع دون إحداث خسائر نفسية.

2020-03-10T14:34:36+00:00