لنبدأ بمحاولة الإجابة علي أهم سؤال وهو لماذا يدمن إنسان ما.. لماذا تزل قدمه وهو يعلم خطورة ما هو مقدم عليه. السبب الأساسي هو تحقيق أقصي درجات اللذة وتقليل الآلم.. واللذة هنا هي اللذة النفسية وهي الإحساس بالسعادة والإسترخاء والأمان والثقة.
ويأتي السؤال الثاني، وهو من هو هذا الإنسان الذي يقدم علي الإدمان.. هذا الإنسان المخدر يعلم أنه يؤذي نفسه ولكنه يحتاج إحتياجآ ملحاً لهذه المادة التي تخدره. فهذه المادة تساعده علي الهروب.. حالة من التخدير لواقعه فلا يشعر به ولا يشعر كيف ألحق بنفسه من أذي. فالمادة المخدرة مضادة للالم ولخيبة الامل وللفشل وللتجريح.. إنها بديل الصبر.. والصبر هنا هو تحمل المكروه، فهناك إنسان لا يستطيع تحمل الحزن والفشل والنقد فيداهمه الإكتئاب.. والمواد المخدرة تبدد مؤقتاً كل هذه المشاعر السلبية، إنها تسهل الهروب وتقدم النسيان، كما إنها تقدم أحلاماً ونشوي وهمية وحلول سهلة وغير واقعية لمشاكل لاحل لها. فالإنسان تحت تأثير المخدر يستطيع أن يتجرع أي أمر ويصبح أصبر الصابرين وأقواهم، ويعيش الوهم والأحلام الزائفة، وتسقط كل الآلام والحسرات بل وتداهمه سعادة بأن كل شيء سهل وممكن وجميل، بل وتجعله ينسي كراهيته لنفسه، ويقبلها بعيوبها وضعفها ودونيتها.. ولكن هذه الأخيلة والمشاعر الزاهية لا تستمر للأسف إلا دقائق أو ساعات محدودة، سرعان ما تتحول إلي أشواك توخز نفسه. هذا الإنسان المدمن يحاول أن يعالج نفسه من شيء يؤلمه ولكنه يخطئ العلاج.. ونحن لا نلتمس للمدمن عذراً ولا نستدر له عطفاً، ولكن نطلب فهماً، وفهماً صحيحاً يساعد في شفاءه.
ولكن هل كل إنسان يتعرض لمشاكل وضغوط وآلام يكون عرضة للإدمان؟ من واقع الخبرة نقول أن هناك بعض السمات الشخصية التي تدفع إنسان أكثر من غيره إلي اللجوء إلي المواد المخدرة، وعلى العموم هى شخصيات لديها الإستعداد للإكتئاب والإنطوائية والقلق كما ان لديهم قدر من الاندفاعية والرغبة فى تحقيق اللذة الفورية، والهروب من المشكلات بدلا من مواجهتها.
والآن نقدم بعض الحقائق الهامة:
- أشهر المواد المخدرة هي الخمر، الأفيون، المورفيين، الكودايين، الهيروين، الكوكايين، المنشطات، عقاقير الهلوسة، القات، الحشيش، والمواد المتطايرة مثل البنزين والأسيتون.
- علاج المدمن ليس في توقفه عن التعاطي، هذه خدعة كبري.. فالتوقف عن التعاطي هو الخطوة الأولي.. اما العلاج الحقيقي هو في ان يستمر عن التوقف، ولا يكون ذلك إلا بعلاج الأسباب الأصلية التي أدت إلي التعاطي.
- المعالج الحقيقي للمدمن ليس هو الطبيب بل هو إنسان قريب منه يحبه، زوج، زوجة، أخت، صديق، حبيب.. فإن أعظم دواء لشفاء الإدمان هو الحب الحقيقي.. الحب لهذا الإنسان لأنه عزيز علينا، الحب لوجه الله تعالي.
- الوقاية خير من العلاج.. والوقاية هي مسئولية الأسرة، والإكتشاف المبكر هو أيضاً مسئولية الأسرة كما أن العلاج هو مسئولية الأسرة
من يتحمل مسئولية العلاج لابد وأن يعرف الحقائق العلمية عن الإدمان: نوع المادة التي تعاطاها المدمن، تأثيرها، مضاعفاتها، أعراض الإنسحاب، الدوافع الشخصية التي ادت إلي الإدمان، طبيعة شخصية المدمن وكيفية التعامل معه، كما يجب أن يعرف من الطبيب تفاصيل خطة العلاج.